تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات..دورها وتجربتها وأبرز التحديات التي تواجهها

اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات هي سلطة عمومية مستقلة مكلفة بتنظيم الانتخابات من بدايتها إلى نهايتها أي من إعداد اللائحة الانتخابية حتى إعلان النتائج النهائية بالنسبة للانتخابات التشريعية و الجهوية و البلدية وإعلان النتائج المؤقتة بالنسبة للاستفتاء و الانتخابات الرئاسية.و هي تتكون من 11 عضوا يمثلون الأغلبية و المعارضة و لها رئيس و نائب للرئيس و أمين عام . ويسمى الأعضاء حكماءَ و ينقسمون إلى هيأتينِ إحداهما تسمى الغرفة القانونية والأخرى تسمى الغرفة الفنية و لها طاقم إداري و فروع جهوية في الولايات ومحلية في المقاطعات و المراكز الإدارية.

وقد تم إنشائها لأول مرة إبّان المرحلة الانتقالية الأولى في عهد المجلس العسكري بقيادة الرئيس أعلِ بن محمد فال وذلك ضمن جملة من الاصلاحات الدستورية والقانونية المهمة في تكريس التعددية الديمقراطية في البلاد من أهمها تحديد فترة الانتداب الرئاسي إلى مأموريتيْن فقط.

 وكانت اللجنة في بداية إنشائها لجنة مراقبة فقط بينما تنظم الانتخابات الوزارة المكلفة بالداخلية .

 وإثر حوار 2011 أصبحت هنالك لجنة تنظم الانتخابات إذ تحل في ذلك محل الوزارة المكلفة بالداخلية .

وتعتبر اللجان الانتخابية بصفة عامة أداة يُقصد من ورائها طمأة الفاعلين السياسيين على مصداقية الانتخابات وخاصة في البلدان التي تشكك فيها المعارضة بنزاهة الحكومة المنظِّمة للانتخابات ،وبقدر مصداقية اللجان الانتخابية و حيادها بين الفرقاء و شفافيتها تتعزز الديمقراطية والعكس صحيح .

وإذا نظرنا إلى تجربة اللجنة الانتخابية الموريتانية فنجد أنها متقدمة على الكثير من مثيلاتها الإفريقية وخاصة في دول الجوار مثل السنغال ومالي .

 فهي تمتلك كامل السلطة في تنظيم العملية الانتخابية برمتها ولا علاقة لها بالحكومة إلا في ثلاث مسائل كتمويل الانتخابات و تأمينها و الدعم في بعض الأمور الفنية عند الاقتضاء.

أما في بعض بعض الدول الإفريقية مثل مالي والسنغال فهي مجرد مراقبة و لا تزال الحكومة بها هي التي تنظم الانتخابات.

و بصورة عامة فإن التجربة الموريتانية متقدمة على العديد من مثيلاتها وخاصة في إفريقيا في ما يتعلق باللائحة الانتخابية التي هي أساس الاقتراع وذلك لأن الاحصاء الإداري في موريتانيا يتم على أساس بطاقة تعريف ابيومترية و هامش الخطأ فيها صفر، وهذا نادر في الدول الأخرى.

بيد أنه وبالرغم مما أحرزته اللجنة من تقدم متميز في عملها فيرى مراقبون أنها مازالت تواجه عدة تحديات من أهمها انعدام مدونة انتخابية حتى الآن أي نص قانوني يتضمن جميع الأحكام والترتيبات المنظمة للانتخابات يحل محل مجموع النصوص المبعثرة هنا وهناك من جهة و مناقضة تشكيلتها الحالية والسابقة لنص القانون من جهة أخرى فالقانون ينص على أن أعضاء اللجنة يجب أن يكونوا مستقلين بينما برزت التشكيلتان تمثلان الأحزاب بصورة واضحة، هذا إلى جانب تواضع التجربة وضعف المستويات لدى الفروع الجهوية و المحلية و رؤساء وأعضاء مكاتب التصويت.

كما يرى البعض أنه يجب في إطار الدفع من مستوى فاعلية اللجنة وتحسين أدائها يجب التقيّد بالقواعد المتبعة في الدورة الانتخابية و تقتضي أن يتواصل العمل بعد إعلان النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية بإجراء تقييم موضوعي يشترك فيه الخبراء الوطنيون والدوليون على أن يشمل هذا التقييم الجوانب التالية :

أولا- طبيعة اللجنة و تشكيلتها والجواب على سؤال أي الصيغتين أفضل حسب التجربتين: هل هو لجنة انتخابية تراقب كما كانت من قبل أم لجنة انتخابية تنظم كما هو الحال الآن ، و أي التشكيلتين أفضل حسب التجريبتيْن : هل هو تشكيلة فنية مستقلة كما كانت من قبلُ أم تشكيلة سياسية يتمّ فيها تمثيلُ الأحزاب السياسية أغلبية ومعارضة .

ثانيا - اللائحة الانتخابية و البحث عن صيغة لتحيينها باستمرار بالتعاون مع الوكالة الوطنية للوثائق المؤمنة أو سنويا على الأقل في إطار مراجعة عادية طبقا للقانون.

ثالثا- انتهاز فرصة الفراغ الانتخابي المقبل لإعداد مدونة انتخابية دقيقة .

رابعا - في كل الحالات يجب أن تضطلع اللجنة بمسؤوليتها الدائمة في التعبئة والتحسيس حول المواطنة و أهمية الانتخابات و آليات التصويت . ذلك هو مسوّغُ كونها دائمة لا موسمية ..

إلى غير ذلك من الاصلاحات الضرورية فالانتخابات ليس مسألة بسيطة عابرة إنها مسؤولية جسيمة يتوقف عليها السلم الاجتماعي وبها قوام الدولة والمجتمع .

النابغة أحمد عامر فال 

خميس, 06/06/2024 - 21:02