يكثر الحديث هذه الأيام ؛ في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي،؛ عن اجتماع السيد رئيس الجمهورية ببعض معاونيه؛ لمتابعة وتقييم مشاريع البنية التحتية قيد الإنجاز؛ التي تعرف تأخرا في التنفيذ؛ وتقول تلك المصادر أن السيد الرئيس؛ حث على ضرورة الإسراع في تنفيذ مشاريع البنية التحتية المعنية؛ مع تهديد الشركات المنفذة بتطبيق عليها القانون؛ ومنع أي شركة تخل بإلتزاماتها من الاستفادة من الصفقات العمومية في المستقبل.
لكن الذي لم تقله وسائل الإعلام خاصة العمومية منها؛ بهذه المناسبة؛ أن أغلبية قطاعات الدولة ومؤسساتها؛ إما في حالة شلل أو في حالة توقف أو تعرف انهيارا شاملا؛ وخير مثال: على ذلك؛ القطاعات التي تشكل مرتكزات الدولة: قطاع التعليم؛ قطاع العدالة؛ قطاع الصحة؛ قطاع الأمن.
فقطاع التعليم رغم الحديث المتكرر عن إصلاحه ورفع شعار المدرسة الجمهورية؛ ظل في تراجع مستمر؛ حيث لم تتجاوز نسبة الانفاق عليه؛ من الناتج الداخلي الخام 1,9 % حسب البنك الدولي؛ وتتم مقارنته في التقارير الدولية؛ بوضعية كل من الصومال وجمهورية السودان الجنوبية؛ التي يعرف الجميع وضعيتهما؛ والأغرب من كل ذلك؛ أن رئيس الجمهورية وعد في برنامجه "تعهداتي" باتخاذ 15 إجراء لإصلاح التعليم؛ وحتى كتاب هذه الأسطر لم ينفذ منها أي إجراء على أرض الواقع؛ وكل ما يتم الحديث عنه؛ في هذا المجال لا يتعدى الاستهلاك الإعلامي في إطار ما يعرف ب"الإنجازات الوهمية"؛ ك"حملات الكتاب" وحملات "محو الأمية" في عهد نظام الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع.
والأمن في حالة انهيار شاملة ومدينة نواكشوط مستباحة من قبل العصابات الإجرامية؛ التي تروع الأسر في بيوتها بمختلف مقاطعات وأحياء العاصمة؛ حتى أن عناصر الشرطة أصبحوا يخافون أعضاء تلك العصابات وليس العكس؟
والعدالة غائبة وينخر مختلف أجهزتها الفساد والاحكام القضائية؛ التي تصدرها المحاكم لا تجد طريقها للتنفيذ ؟
وقطاع الصحة منهار؛ وخير دليل على وضعيته عدد المواطنين المغادرين للعلاج في الخارج؛ ونسبة الوفيات في المستشفيات العمومية؛ مقارنة مع نظيراتها في الخارج.
أما الحديث عن توفر خدمات الماء والكهرباء في موريتانيا؛ فأصبح من باب الترف الفكري.
السيد الرئيس إصلاح أوضاع البلد لا تحتمل التأجيل؛ لكن الإصلاح يتطلب شروطا؛ وانطلاقا من تجارب الأمم والشعوب؛ فإنه لم تنهض أمة من الأمم؛ دون توفر متطلبات وشروط منها:
1 - وجود رؤية متبصرة.
2- إدارة فعالة.
3- إرادة حازمة.
لكن السيد الرئيس الأوضاع في موريتانيا تحتاج إلى إصلاحات عاجلة؛ لتلافي انهيارها انطلاقا من هشاشة أوضاعها الداخلية؛ والمخاطر والتحديات الضاغطة من جوارها الإقليمي والمحيط الدولي المضطرب؛ فقبل التفكير في " برنامج النمو المتسارع والرفاه المشترك" وقبل التفكير في "النهضة الشاملة"؛ علينا التفكير في إصلاح ما يمكن إصلاحه من أوضاع البلد قبل زواله؛ ومن متطلبات الإصلاح المطلوبة وبشكل عاجل:
1- إيقاف الفساد وابعاد المفسدين عن إدارة الشأن العام.
2- إعادة هيكلة القطاعات الحكومية والإدارية؛ لإزالة تداخل الصلاحيات بينها.
3- بناء إدارة فعالة قادرة على الإشراف وتنفيذ السياسات العمومية.
4- تحديد الأولويات التنموية بشكل دقيق.
5 - إعتماد مبدأ الكفاءة والنزاهة " القوي الأمين " في إسناد المهام والوظائف.
6 - إعتماد مبدأ المكافأة والعقوبة في إدارة الشأن العام.
7 - إيجاد بنية مؤسسية مستقلة لمتابعة وتقييم السياسات العمومية.
في الخلاصة :
يقول المثل العربي:
" القول يحتاج إلى الفعل؛ لكن الفعل لا يحتاج إلى القول ".
أوضاع البلد تحتاج إصلاحات عاجلة؛ قائمة على رؤية؛ تنفذها إدارة فعالة؛ تراقبها إرادة صارمة؛ بدون ذلك؛ سيظل البلد يسير بسرعة إلى المجهول؛ عكس تصور؛ ممن تعودوا على دس رؤوسهم في الرمل.